في كَـوْمَـةِ شَـوْك!
صفحة 1 من اصل 1
في كَـوْمَـةِ شَـوْك!
في كَـوْمَـةِ شَـوْك! |
|
|
أطْـرَقَت تَسْتمع ـ كعادتها ـ إلى ابنتها اليافِعَةِ "نـور" وهي ترتِّـل آياتِ الـذِّكر الحكيم بتجويد مُتقن قُبالة مُعلِّمتها السَّـيِّدَة "هَناء"، وقد شَخَصَ بَصَرُها إلى نَـبْتة الصَّـبَّار التي زَرَعَـتْها ذات صَباح جاف حار، كيفَ تطاوَلَ شَـوْكها؟! في هذه السَّـاعة التي تقضيها في روضِ القرآن الكريم، تَشعر وكأن روحها قد غُسِلَت مِن أدرانها، وفِكرها الـمُتعَب قد اسْتراح، وقلبها الذي تخشى عليه الـمَوات قد دبَّـت فيه الحياة مِن جَديد فقويَ وانتعش! لكنَّـها اللَّيلة في وَضْع مُختلف! فالرُّوح مِنها في غُربة، والفِكر في شُرود، والقلب أعْياه القَهْر، والجسد أضْنته الخطوب! لم يَستطعْ صَوت ابنتها العَذب أن يُزيحَ عنها ما تُلاقيه، لكنَّه اسْتطاع أن يَسْتَدرَّ دَمْعها.. فبَكت! بَكت دون نَشيج، مُوارِيَـةً دُموعها، فلم يَشعر بحرارتِها أحَد، ساتِـرَةً وَجَعَها، فلم يَعرف مَكْمَنه سِواها! قامَت بهدوءٍ تَـنْوي إعداد الضِّيافة للسَّـيِّدَةِ "هناء"، فقد شارَفَ الدَّرس على الانتهاء. بَلَّـلَـت وَجهها بقطراتِ الماء الباردة، ثـمَّ أخذت نفسًا عميقًا، تَسَرَّبَ إلى الأعماق، مُـنْـتَشِلا الغُـصَص، ثـمَّ أخْرَجَتْهُ زفيرًا، أطْـلَقَـتْهُ في الهـواء، تَسْتَجْدي شيئًا مِن هُـدوء قبلَ أن تعودَ محمَّلة بالأطايب إلى مَجلسها. وَلَجَت حينما كانت السَّـيِّدَةُ "هناء" تخاطِب ابنتها قائلة: أحسنتِ يا "نـور"، حِفْظك ممتاز، وقِراءَتك في تحسُّنٍ، ما شاء الله. - جزاك الله خيرًا يا مُعلِّمتي. - سنُراجع ما تـمَّ حِفظه بعد غَدٍ ـ إن شاء الله ـ فاسْتَـعِدِي. بادَرتْها الأمُّ قائلة: لا تقلقي يا سيِّدتي، "نـور" فتاة رائعَة، وهي دومًا على قَـدْرِ المسئولـيَّة. - وفَّـقها الله، وجعلها قـرَّة عين لكم. - اللهم آمين. عادَت الأم إلى كرسيّها بجانب نبتة الصَّـبَّار، بينما تولَّت "نـور" مهمَّة صبِّ الشَّاي، وتقديم الفطائر المشكَّلة إلى أمِّـها ومُعلِّمتها، ثـمَّ جَلست بجانب معلِّمتها في حَيـاءٍ ووقـارٍ. تهادَى صَوت الأمِّ مُنكسِرًا حَزينًا، فانْـجابَت سُحُب الصَّمْت التي ظلَّـلَت المكان للحظات: ماذا بَقِيَ للصَّـادقِ الحـرِّ الأبيِّ؟! دُهِشَت السَّـيِّدَة "هَناء" من سَيْل الحروف الذي سُكِبَ في أذُنَـيْها دون سابِـق حِـوار، فقالت مُتَسائلة: ما الأَمْـر؟ - يُصَفَّقُ للكاذِبِ، وتُهْدَى الأوسمة للمُحابي، وتُـفَـتَّـح الأبواب للوصوليّ، وكلّ الأمْكنة مُشَرَّعة أمام المُراوغ، فماذا بَقِيَ للصَّـادق الـحُـرِّ الأبـيّ؟! وقبل أن تَـنْبِسَ السَّـيِّدَةُ "هناء" ببِنْتِ شَفَه، جاءَ صَوت "نـور" الـجَـهْـوَرِيّ مُجيبًـا: "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" ]يونس:58[ |
أم عبد المنعممــشـرفـــه
- معلومات العضو :
بلدى :
مهنتى :
مزاجى :
عدد المساهمات : 38
نقاط : 114
تاريخ التسجيل : 27/11/2011
الاوسمه :
[table style="WIDTH: 96px; HEIGHT: 86px" border=1][tr][td][/td][/tr][/table]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 30 ديسمبر 2012, 8:09 am من طرف الشاعر عبدالله عبدالعليم
» اخطاء لفظيه يجب الحذر منها
الخميس 13 ديسمبر 2012, 6:58 am من طرف تناهيد
» من أجمل ما سمعت سورة الحاقة أدريس أبكر
الأحد 09 ديسمبر 2012, 6:31 am من طرف تناهيد
» تلاوة رآآآئعة ومؤثرة جدا للشيخ العجمى
الأحد 09 ديسمبر 2012, 6:29 am من طرف تناهيد
» لماذا نشعر بوحشة فى قلوبنا وضيق فى الصدر
الأحد 09 ديسمبر 2012, 6:27 am من طرف تناهيد
» لا يركع ولا يسجد واسمه مكتوب عند الله عزوجل
الأحد 09 ديسمبر 2012, 6:11 am من طرف تناهيد
» تفسير قوله تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ .. )
السبت 29 سبتمبر 2012, 5:26 pm من طرف تناهيد
» الرد على الطعن في القرآن الكريم ودفع شبهات الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري
السبت 29 سبتمبر 2012, 5:22 pm من طرف تناهيد
» مقاطع مميزه عن عيد الحب
السبت 29 سبتمبر 2012, 5:17 pm من طرف تناهيد
» مع آيات السكينة..!!
السبت 29 سبتمبر 2012, 5:16 pm من طرف تناهيد